المشاركات

للأشرار فقط

صورة
الطقس اليوم حار جداً، وأعتقد أن درجة الحرارة تتجاوز بمراحل ما تم الإعلان عنه في النشرة الجوية. خاصة أنني أسكن مدينة عدد السيارات فيها أكثر من عدد القطط والكلاب وحتى الصراصير مجتمعة. هل جربت مرة أن تتوقف بسيارتك بدون أن توقف المحرك، ثم تترجل و تقف أمام المحرك؟. ستعرف آنذاك ماتفعله جموع السيارات والشاحنات والدرجات النارية و التي تنطلق في وقت الذروة لتصل بكلٍ منا إلى وجهته، إنها ببساطة تصنع صيفا في مدننا، صيف لا علاقة له بالطبيعة و لا بكوكب الأرض. وستعرف الإجابة الصحيحة والمقنعة للسؤال الذي نطرحه على بعضنا كلما أرهقتنا الحرارة في أشهر الصيف المضنية: كيف كان أجدادنا يعيشون بدون مكيفات وبدون ثلاجات؟   لا تقل انك تنتظر مني أن أجيبك!  يقال أنه عندما يتحدث الشخص الذي أمامك عن الطقس فهذا يعني أنه يشعر بالملل، أو على الأقل، لا يشعر معك بالراحة ليتحدث على طبيعته. قالها لي أحد الأصدقاء في الكلية، ليس لأنني تحدثت عن الطقس أمامه، أبداً، بل لأنه هو فعل ذلك أمامي، وختم قوله أنه يشعر بالحرج.  منذ تلك المحادثة بيني وبينه، لم يمر ذكر الطقس أمامي بدون أن أذكر ذلك التفسير. أحياناً كنت أج...

حبيب قلبي الذكاء الإصطناعي

صورة
هل تعرف إلى أين وصل بي الحال؟ لن تصدق. سأحكي لك وأطلق أحكامك كما تشاء، فهذه هوايتك على كل حال. منذ أيام تعرضت لحادث بالسيارة. في الصباح الباكر وصلت إلى الشركة التي أعمل فيها وكنت سعيدة أني وصلت باكرا بحيث سأتمكن من شرب قهوة في المقهى المجاور وأكل قطعة "كرواسان" وأنا أضع ساقا على ساقٍ و أراقب المارين ذهابا و إيابا. ولكن ما إن أدرت عجلة القيادة لأركن سيارتي حتى تفاجأت بصوت بوق سيارة يصدح عالياً، وبسيارتي تهتز وتنتفض بفعل صدمة السيارتين معاً. أطلقتُ صرخة فزع شنيعة وقد تكفّل عقلي في ثانية واحدة بتصوير المستقبل أمام عينيَّ إذا مت أو أصابتني عاهة. أولادي؟ أولادي و عائلتي؟ لحسن الحظ ولطفاً من رب العالمين أني لم أصب بخدش واحد، رغم أن قسماً من السيارة قد تعجَّن. شكرت الله ومرّت بسلام. ولكن طيلة هذا اليوم عانيت من أشياء غريبة لم أعتقد يوماً أنها قد تحدث لي أنا. لماذا؟ لأنني طالما اعتقدت أنّني قوية وصلبة من الداخل، وأنني لا أخاف! ولكن تبين أن الصدمة أقوى مني بكثير. طيلة اليوم لم أستطع الأكل ولا الكلام و لا حتى التفكير. لم استطيع البكاء. كأنما غُيِّبتُ عن العالم. لم أكن قادرة حتى على فهم...

كتب لا تفوتها!

صورة
يعتقد المحيطون بي أنني إمرأة مثقفة، رأسي مليئة بالكتب والأفكار ذات القيمة . لم تعتقد أنهم يظنون ذلك عني؟ بكل بساطة لأنهم يعرفون ولعي الشديد ب شراء الكتب وقراءتها ولأنني كتبت كتابا ذات مرة. أما الحقيقة فهي كارثة بجميع المقاييس. صحيح أن رأسي مليئة بالأفكار، وأن كتلتي الوردية لا تنفك تعمل وتشغل معها عيوني وأصابعي في كل الاتجاهات وفي أي وقت من النهار أو الليل. ولكنني أقسم أني لا أعرف من أين جاءتني هذه الأفكار. أهي لي؟ من استنتاجات عقلي أم قرأتها في كتاب ما؟ لا أعرف. أنا لا أذكر حقاً. يقال (ولا أذكر من قال)  أن العقل البشري يقوم بغربلة المعلومات التي يتلقاها يومياً، فيترك المعلومات التي يراها صالحة أو نافعة في متناول الإستعمال اليومي السريع. أما المعلومات التي يجدها أقل عرضة للإستعمال فإنه يصنفها ويرتبها في أدراج أو جوارير ويغلقها حتى يحين وقت استعمالها. وحين يحين ستبحث أو تفكر أو تتذكر قليلاً قبل أن تجدها. أما المعلومات التي يصنفها العقل بعديمة الجدوى فهو يكفنها حيث لن يجدها إلا طبيبك النفسي أو ربما تطفو أحيانا في أحلامك التي تنساها فور استيقاظك.  ما يحدث معي أنا، أن عقلي الجمي...

كُفَّ عن إقناع نفسك أنك خارج القطيع!

صورة
منذ سنوات قليلة ظهر تعبير وسَاد في جميع المنصّات الاجتماعية وأحاديث الراديو وغيره. وهو تعبير " خارج القطيع " أو " خارج الصندوق " وهو يعني عامة الإنسلاخ عن العقلية السّائدة للأفراد ب الميل السُّلوكي لاتباع رأي الجماعة التي ينتمون إليها . رأي الجماعة يتضمَّن أيضا أسلوب حياتهم، معتقداتهم وسلوكياتهم. لذلك فإن التفكير أو التصرُّف خارج الصندوق هو تمرُّد على مُسلّمات الجماعة. ويُجابَه عادة بالرفض و ردود فعل حادّة من طرف باقي المجموعة . ومثل كل تعبير أو فكرة جديدة، يعمَد الكثيرون إلى تبنِّيها. هذا لا يعني أبدا فهمهم الصَّحيح والمُعمّق للفكرة، ولا يعني تبنِّيهم لها على قواعد صائبة. ولكن في الواقع يعني سعيهم للتميز عن باقي الأفراد بطريقة سهلة. هذا المقال مُوجه لهؤلاء الذين يعتقدون أنهم يفكرون ويعيشون عامة خارج القطيع. إنه لحظات نفكر فيها معا في مكاننا (أنا وأنت) مقارنة بالقطيع. طبعا إن لم تكن في مزاج يسمح لك بتشغيل تلك الكتلة الوردية في رأسك الآن، فلا داعي لقراءة بقية المقال لأنك حتما ستشعر بالملل والغضب مني كذلك. والمدام جميلة ليست من هواة تكوين الأعداء. لماذا تفكر أنك خارج ...

السيدات اللاّتي تصدّقن الفتى…

صورة
سأحكي لك اليوم قصة مسلية، قد تكون تعرفها، سمعتها في مكان ما، أو رأيتها، أو عشتها أنت بنفسك. وقد تكون مثل تلك السيدة، بطلة القصة، لم تسمع بها في حياتك. السيدة فرانسواز، امرأة مسنّة بلغت أرذل العمر. عملت طيلة حياتها في إدارة الجباية في إحدى المدن الفرنسية الجميلة. عاشت حياتها بالطول والعرض. قضت شبابها بين الحانات والسهرات. تعرفت على رجال عدة حتى أنها تنسى غالبا عدّهم، وعندما بلغت الثامنة والثلاثين قبِلت بالشاب الكهل فرانسوا زوجا لها حتى يتسنّى لها فرصة تكوين عائلة أخيرا وإنجاب أطفال. أنجبت ولدين وبنت، وعملت هي وزوجها بقية سنين حياتهما على توفير كل ما يلزم أطفالهما من أكل ودراسة وحياة كريمة ولائقة. ربّيا أطفالهما تربية أوروبية بامتياز، حتى بلغ كل منهم الثامنة عشرة أو أكثر بقليل فغادر منزل والديه ليعتمد على نفسه ويعيش بِحرّية. في سن الستِّين، وجدت السيدة فرانسواز أنها أصبحت على مشارف الشيخوخة وقد تقاعدت عن العمل بعد أن سبقها فرانسوا منذ أربع سنوات.  لقد تجعّد وجهها وتعب جسدها، وما كانت تعتقد أنها ستصل إلى هذه المرحلة في هذا السن! كما أن أطفالها هجروا المنزل ولم يتبقى لها إلّا هذا الرجل...